اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط عند الاطفال : فهم أعمق وعلاج شامل

اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط فهم أعمق وعلاج شامل

يعتبر اضطراب، نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) من الاضطرابات البيولوجية العصبية، ويظهر هذا الاضطراب عادة خلال مرحلة الطفولة، وللأسف هو أحد أكثر الاضطرابات العصبية شيوعا بين الأطفال، وهذا الاضطراب يتميز  بمزيجه بين أعراض نقص الانتباه، وفرط النشاط، والاندفاعية، مما يؤثر سلبا على أداء الطفل في المدرسة والحياة الاجتماعية، ومن الملاحظات حول هذا الاضطراب أنه أكثر انتشارا بين الذكور مقارنة بالإناث، حيث يؤثر على حوالي 5% من الأطفال حول العالم،، الا أنه من الممكن لتشخيص المبكر، وكذلك العلاج المناسب أن يحدثا فرقا كبيرا، في حياة الطفل وأسرته.

ما يقصد باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط؟

يؤثر اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط بشكل كبير، على وظائف الدماغ المتحكمة في الانتباه والحركة بالإضافة الى ضبط النفس. يعاني الأطفال المصابون به للأسف من صعوبة في التركيز، كما يجدون أنفسهم دائما في حالة حركة، وغالبا الأحيان يتصرفون دون تفكير مسبق، كل هذه السلوكيات تجعل الحياة اليومية والتفاعل الاجتماعي، تحديا كبيرا للأطفال ولأفراد أسرهم.

أهم أسباب اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط

رغم الأبحاث العلمية الكثيرة في هذا الموضوع، لا تزال أسباب الإصابة باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، غير معروفة بشكل واضح،  يشير بعض  الباحثين، أن هذا الاضطراب، هو نتيجة مزيج معقد، من العوامل الوراثية والبيئية.

العوامل الوراثية

 بعض الدراسات تشير الى أن العوامل الوراثية، تلعب دورا كبيرا في تطور هذا الاضطراب لدى الشخص المصاب به، كما تظهر التقديرات أن حوالي 67% من الحالات سببها عوامل وراثية، فلو كان  أحد الوالدين أو الأقارب، مصاب باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، فإن احتمالية انتقال هذا الاضطراب الى الطفل تزداد بمقدار خمس مرات،  بالمقارنة بباقي الاطفال الآخرين.

العوامل البيئية

بالموازنات مع العوامل الوراثية، تلعب العوامل البيئية كذلك، دورا مهما في تطور هذا الاضطراب، وهذه العوامل تشمل، التعرض للمواد السامة أثناء الحمل، او التدخين أو تناول المشروبات الكحولية، من طرف الأم الحامل، أو الولادة المبكرة، بالإضافة إلى ذلك، قد تساهم العوامل الاجتماعية والنفسية، كالتوتر داخل لااسرة، أو قلة الدعم العاطفي، في تفاقم الأعراض.

أعراض اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط

 أعراض اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، تظهر بشكل مهم في محاو ثلاث رئيسية، هي نقص الانتباه، فرط النشاط، والاندفاعية، وتختلف شدة هذه الأعراض من طفل لأخر.

نقص الانتباه

يعانون الأطفال اللذين يندرجون ضمن النوع الفرعي، حيث يغلب عليه نقص الانتباه من صعوبة كبيرة في التركيز على المهام الموكلة اليهم، والميل الدائم إلى التشتت بشكل سهل، والنسيان المتكرر، في الغالب ما يعانون من تحديات كبيرة في إنهاء المهام المدرسية، أو اتباع التعليمات الموجهة اليهم.

فرط النشاط والاندفاعية

  يظهر الأطفال نشاطا زائدا في هذا النوع الفرعي، قد يبدو هذا النشاط غير مناسب للموقف، ويميلون المستمر الى التحرك، والركض أو القفز في أوقات غير مناسبة، ويتحدثون بشكل مفرط، كما أنهم يتصرفون بطريقة اندفاعية، دون التفكير في العواقب التي قد تنتج عن تصرفاتهم، مما قد يعرضهم للأسف الى مواقف خطرة.

النوع المختلط

أما هذا النوع هو الأكثر شيوعا، حيث يجمع بين أعراض نقص الانتباه، وفرط النشاط والاندفاعية معا، وغالبا ما يؤدي إلى تأثيرات كبيرة على الأداء الدراسي والاجتماعي للطفل.

من أجل تشخيص الاضطراب، ينبغي أن تظهر الأعراض، قبل سن السابعة وتستمر على الاقل لمدة ستة أشهر، كما يجب أن تؤثر هذه الأعراض على الطفل في بيئات متعددة،  كالمدرسة والمنزل، مما ينتج عنه صعوبات حقيقية في حياته اليومية.

  يواجه الأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط تحديات كبيرة 

إن الأطفال المصابون بهذا الاضطراب يواجهون العديد من التحديات، خاصة في المدرسة، حيث قد يجدون صعوبة كبيرة في الانتباه خلال الحصص الدراسية، مما قد يسبب تدني الأداء المدرسي لهذه الفئة، كما هنالك تأثير اجتماعي يتجلى في مواجهة صعوبة في تكوين صداقات، أو الحفاظ عليها بسبب سلوكياتهم المفرطة أو المندفعة كثيرا، كما قد يعاني هؤلاء الأطفال من تأثيرات نفسية سلبية، مثل تدني احترام الذات، أو القلق بسبب شعورهم بأنهم مختلفون عن أقرانهم.

علاج اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط

 علاج هذا الاضطراب يهف إلى محاولة تخفيف الأعراض ومساعدة الطفل على التأقلم مع التحديات التي يعيشها يوميا، في اغلب الاحيان يشمل العلاج نهجا متعدد، يجمع بين العلاج النفسي، التربوي، والدوائي.

العلاج النفسي

 العلاج النفسي يعد بالخصوص العلاج السلوكي المعرفي، من الركائز الأساسية، في علاج هذا الاضطراب، يساعد هذا الصنف من العلاج على تطوير استراتيجيات للتعامل الاطفال مع المواقف اليومية الصعبة، كما يحسن مهاراتهم الاجتماعية، ويعمل على زيادة  وعيهم بسلوكياتهم، كما يتضمن هذا العلاج تدريب الوالدين لتعلم، كيفية دعم أطفالهم بطريقة فعالة.

العلاج التربوي النفسي

 العلاج التربوي النفسي يهدف  إلى تطوير أداء الطفل الدراسي، عن طريق وضع استراتيجيات تعليمية مناسبة لاحتياجاته، خاصة توفير بيئة تعليمية داعمة للطفل في المدرسة، والعمل على تطوير خطة تعليمية فردية، متناسبة مع قدرات الطفل.

العلاج الدوائي

يخفف العلاج الدوائي الأعراض الرئيسية لاضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، تستعمل لذلك أدوية مثل ميثيل فينيدات الشائعة، حيث تساعد في تحسين التركيز، وتقليل الاندفاعية، وفرط النشاط، كما تساهم هذه الأدوية في تعزيز فعالية العلاج النفسي والتربوي.

دور الأسرة والمدرسة في دعم الأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط

أسرة الطفل تعتبر إضافة، الى المدرسة شريكين أساسيين في علاج هذا الاضطراب، فالوالدين يقدمان الدعم العاطفي، كما يوفران بيئة منزلية منظمة، ويضعان جدول زمني يومي، يساعد الطفل على الهدوء والتركيز.

  تلعب المدرسة من ناحية أخرى،  دورا حيويا في تقديم التعليم الداعم والمساعدة، في تنفيذ خطط العلاج التربوي،  كما يجب على المعلمين تفهم احتياجات الطفل المصاب بهذا الاضطراب،  والتقديم له بيئة تعليمية مرنة، تدعم بالتالي  تطوره الدراسي والاجتماعي.

الآفاق المستقبلية للأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط

ادا ما توفر التشخيص المبكر والعلاج المناسب للأطفال المصابين بهذا الاضطراب، يمكن للمصابين بهذا الاضطراب، أن يعيشوا حياة طبيعية وناجحة، من المهم جدا التركيز على تنمية مهاراتهم، وتعزيز نقاط قوتهم، سواء في داخل المدرسة أو الحياة اليومية.

اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، لا يمكن أن يكون نهاية الطريق، لأنه مجرد تحد يمكن بالتالي التغلب عليه من خلال الفهم، والدعم، والتدخل المناسب، مفتاح كل هذا، هو التشخيص المبكر والعمل الجماعي بين الأسرة، المدرسة، والمختصين لضمان مستقبل مشرق للأطفال المصابين بهذا الاضطراب.

تعليقات