الاكتئاب هو اضطراب نفسي وجسدي يؤثر على طريقة التفكير والتصرف، ويعتبر من أكثر الأمراض انتشارًا في العالم. يُعرف الاكتئاب أيضًا بالاضطراب الاكتئابي الحاد أو الاكتئاب السريري، ويُسبب العديد من المشكلات النفسية والجسدية التي تعيق ممارسة الحياة اليومية بشكل طبيعي. غالبًا ما يشعر المصابون بالاكتئاب بفقدان الرغبة في الحياة، ما يجعل العلاج أمرًا ضروريًا لتحسين جودة الحياة.
انتشار الاكتئاب بين الفئات المختلفة
الاكتئاب يمكن أن يصيب جميع الفئات العمرية دون استثناء، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو الخلفية العرقية. تشير الإحصائيات إلى أن النساء اللواتي يتم تشخيصهن بالاكتئاب أكثر من الرجال، ويُعزى ذلك إلى أن النساء يسعين للعلاج بشكل أكبر.
الأعراض المتنوعة لمرض الاكتئاب
تختلف أعراض الاكتئاب من شخص لآخر بناءً على العمر والحالة الصحية، فقد تكون الأعراض شديدة وواضحة لدى البعض بينما تكون خفيفة وغير محددة عند آخرين. من أبرز أعراض الاكتئاب:
فقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، الإحساس بالكآبة والعصبية، انعدام الأمل، البكاء بدون سبب واضح، اضطرابات النوم، صعوبة التركيز، مشكلات في اتخاذ القرارات، تغييرات غير مبررة في الوزن، القلق والحساسية المفرطة، الشعور بالوهن أو قلة القيمة، أفكار انتحارية أو محاولات انتحار، مشكلات جسدية غير مفسرة مثل آلام الظهر أو الرأس.
العوامل المسببة للاكتئاب
رغم أنه لا يمكن تحديد سبب دقيق للاكتئاب، إلا أن هناك عوامل متعددة تُساهم في ظهوره، منها:
عوامل بيوكيميائية
تشمل تغييرات فيزيائية في الدماغ وخلل التوازن الهرموني، إضافة إلى تأثير الناقلات العصبية.
عوامل وراثية
يكون الاكتئاب أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين لديهم أقارب مصابون بنفس المرض.
عوامل بيئية
تلعب البيئة دورًا كبيرًا في الإصابة بالاكتئاب، مثل فقدان شخص عزيز أو التوتر الحاد أو المشكلات الاقتصادية.
أمراض وأدوية
تُسهم بعض الأمراض المزمنة مثل السرطان وأمراض القلب والزهايمر، وكذلك استخدام أدوية معينة لفترات طويلة، في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب.
مخاطر ومضاعفات الاكتئاب
الاكتئاب الذي لا يُعالج يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تؤثر على الجوانب النفسية والجسدية والاجتماعية. من بين هذه المضاعفات:
الانتحار، الإدمان على الكحول أو المخدرات، القلق المزمن، أمراض القلب، مشكلات في العمل أو التعليم، توترات داخل الأسرة، صعوبات في العلاقات الزوجية والاجتماعية، العزلة الاجتماعية التامة.
تشخيص الاكتئاب
تشخيص الاكتئاب يتطلب تقييمًا دقيقًا من الأطباء والمعالجين النفسيين، حيث يتم طرح أسئلة حول المزاج والأفكار، بالإضافة إلى إجراء فحوصات جسدية ومخبرية. هذه الفحوصات تهدف إلى استبعاد الأمراض الأخرى التي قد تُسبب أعراضًا مشابهة. يتضمن التشخيص أيضًا تقييمًا نفسيًا شاملاً يساعد الطبيب على تحديد نوع الاكتئاب الذي يعاني منه المريض، سواء كان اكتئابًا حادًا، اكتئاب ما بعد الولادة، اكتئابًا موسميًا، أو غير ذلك.
علاج الاكتئاب: رحلة الأمل
العلاجات الدوائية
تُعتبر مضادات الاكتئاب من أكثر الأدوية استخدامًا، وتشمل:
مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين، مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، مثبطات أُكسيداز أُحادِي الأمين.
لكل نوع من الأدوية تأثيراته الجانبية التي تختلف من شخص لآخر، وقد تتطلب فترة من الوقت قبل أن تظهر نتائجها الإيجابية. من الضروري أن يكون المريض على تواصل مستمر مع الطبيب لتعديل الجرعات أو تغيير نوع الدواء إذا لزم الأمر.
العلاج النفسي
العلاج النفسي يعد أحد أهم الركائز في التعامل مع مرضى الاكتئاب، ويعتمد هذا النوع من العلاجات على المحادثات والجلسات الاستشارية التي تهدف إلى مساعدة المريض على فهم مشاكله والعمل معه على تطوير استراتيجيات للتعامل معها.
تقنية العلاج بالتخليج الكهربائي
في بعض الحالات الحادة، قد يتم اللجوء إلى العلاج بالتخليج الكهربائي، حيث يتم تمرير تيار كهربائي إلى الدماغ لتحفيز النشاط العصبي. يُستخدم هذا العلاج عادة في الحالات التي لم تستجب للعلاجات الأخرى.
الرعاية المستشفوية
في الحالات الشديدة جدًا، قد يتطلب الأمر إدخال المريض إلى المستشفى لتلقي العلاج والرعاية اللازمة. يوصى بذلك إذا كان المريض غير قادر على العناية بنفسه أو في حالة وجود خطر حقيقي على حياته أو حياة الآخرين.
الوقاية من الاكتئاب
يجب التأكيد على صعوبة منع الإصابة بالاكتئاب، لكن من الممكن اتخاذ خطوات للحد من مخاطره الكبيرة وتجنب تكرار الأعراض، ومن بين هذه الخطوات:
التدرب على استراتيجيات لإدارة التوتر، بالإضافة الى بناء شبكة دعم قوية مكونة من الأصدقاء وأفراد العائلة للتعامل مع المشكلات عند ظهورها لتجنب تفاقمها، وكدلك الالتزام بالعلاج الوقائي طويل المدى.
رغم الألم يستحسن التفاؤل
عن طريق التشخيص المبكر والعلاج السليم، لا شك أن من الممكن تقليل تأثير الاكتئاب بشكل كبير، كما يساهم الالتزام بالعلاج والحرص على تلقي الدعم النفسي والاجتماعي من طرف الاصدقاء و الاقارب، يساهم في تحسين حياة المرضى، مما يساعدهم على استعادة نشاطهم الطبيعي والشعور بالسعادة والاستقرار النفسي.